رئيس الوزراء الياباني الجديد .. الرؤية والتحديات
بات في حكم المؤكد أن يصبح شيجيرو إيشيبا رئيسا للوزراء في اليابان غداً، وذلك بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية للحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم التي خاضها تسعة مرشحين، وجاء فوزه في خامس محاولة له لقيادة الحزب، الأمر الذي مهد له الطريق ليصبح رئيس الوزراء المقبل، حيث تغلب في جولة الإعادة، يوم الجمعة الماضي على وزيرة الأمن الاقتصادي ساناي تاكايتشي، والتي كانت تطمح إلى أن تصبح أول رئيسة وزراء لليابان.
وسيتم تعيين إيشيبا، الخبير السياسي البالغ من العمر 67 عاما، رئيسا للوزراء لرابع أكبر اقتصاد في العالم، خلال جلسة استثنائية للبرلمان الياباني غدا الثلاثاء، ليحل محل رئيس الوزراء المنتهية ولايته فوميو كيشيدا.
ومن المتوقع أن يشرع إيشيبا بعد ذلك بتشكيل فريقه الوزاري واختيار مرشحيه للمناصب التنفيذية في الحزب، والتي سوف تحدد مصير حكومته الجديدة.
وسيصبح إيشيبا رئيس وزراء اليابان الثاني بعد المائة، والرئيس الثامن والعشرين للحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في اليابان، وعقب فوزه حث أعضاء حزبه على الاتحاد، مشيرا إلى أن الحزب، الذي ضربته فضيحة أموال سياسية، يواجه رياحا معاكسة قوية.
وقال في مؤتمر صحفي بعد انتخابه، إنه سيختار الأشخاص القادرين على ممارسة مسؤوليتهم بشكل مناسب داخل الحزب ومجلس الوزراء والبرلمان للتعامل مع هذا الوضع الخطير، مؤكدا أنه سيبذل كل ما بوسعه لجعل اليابان مرة أخرى بلداً آمناً ومستقراً، حيث يمكن للجميع العيش فيه بسعادة.
وتنتظر رئيس وزراء اليابان الجديد تحديات عديدة أبرزها تجميع حزب انقسم خلف تسعة مرشحين في انتخابات القيادة، وهي خطوة ضرورية للرئيس الجديد للبقاء في السلطة، وستخضع مهارات إيشيبا القيادية للاختبار في ظل بقاء النمو الاقتصادي غير مستقر على خلفية ارتفاع التكاليف التي تؤثر على الأسر، إلى جانب استمرار ر التوترات مع الصين وكوريا الشمالية وروسيا.
وفي شأن موعد الانتخابات، قال شيجيرو إيشيبا اليوم، إنه سيدعو إلى إجراء انتخابات عامة في 27 أكتوبر القادم، وأنه من المقرر أن تبدأ الحملة الانتخابية الرسمية في 15 أكتوبر القادم.
وفي الشأن الاقتصادي أعلن إيشيبا يوم الجمعة الماضي، أن السياسة النقدية لليابان ستظل فضفاضة على نطاق واسع، لكنه أشار إلى أنه لن يقاوم المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة التي لا تزال قريبة من الصفر، مؤكدا على ضرورة أن “يخرج اقتصاد البلاد بشكل كامل من الانكماش”، متعهدا بتسريع سياسات سلفه كيشيدا الرامية إلى تعزيز دخل الأسر من خلال زيادات الأجور، وقال إن تنشيط الاستهلاك أمر أساسي لخروج اليابان من الركود الاقتصادي، مضيفا أن الإدارة الجديدة يجب أن تدرس أكثر الوسائل فعالية لتخفيف المعاناة التي تتعرض لها الأسر نتيجة ارتفاع التضخم.
وقد اندلعت شرارة الصراع على استبدال كيشيدا في أغسطس الماضي، عندما أعلن أنه سيتنحى عن منصبه، في أعقاب سلسلة من الفضائح الحزبية، بما في ذلك التبرعات السياسية غير الموثقة التي أدت إلى انخفاض شعبية الحزب الليبرالي الديمقراطي إلى مستويات قياسية.
وقال رئيس الوزراء المنتهية ولايته فوميو كيشيدا إن الفضيحة كانت السبب الرئيسي وراء عدم ترشحه لولاية جديدة، فيما لاحظ مراقبون في طوكيو أن قبضة كيشيدا على السلطة كانت تضعف بشكل تدريجي، كما بدت علاقاته مع قادة الأجنحة وصناع الملوك في الحزب الحاكم، فاترة خلال الأيام الأخيرة من ولايته.
ويواجه رئيس الوزراء الياباني المرتقب تحديا فوريا يتمثل في تجديد صورة الحزب الليبرالي الديمقراطي، وفي خطاب الفوز الذي ألقاه، أشار إيشيبا إلى أنه اتخذ قرارا باستعادة ثقة الشعب حتى يتسنى للحزب الحاكم أن يولد من جديد.
يعرف إيشيبا بخبرته في شؤون الدفاع والأمن، وكان أحد المفضلين لدى الجمهور لمنصب رئيس الوزراء في استطلاعات الرأي الإعلامية، كما أنه شخصية سياسية مستقلة ومن المرجح أن يثبت جدارته على الساحة الدولية.
ويمتلك خبرة ضخمة في مجال السياسات الحكومية، فقد عمل إيشيبا مديرا عاما لوكالة الدفاع اليابانية قبل أن تصبح وزارة، ووزيرا للزراعة والغابات ومصايد الأسماك، ووزيرا مسؤولا عن مواجهة الانخفاض السكاني وتنشيط الاقتصاد المحلي، ورئيسا لمجلس أبحاث السياسات في الحزب الليبرالي الديمقراطي والأمين العام للحزب.
وقد انتخب لعضوية البرلمان اثنتي عشرة مرة، وهذا يمنحه مصداقية باعتباره مدافعا حقيقيا عن التنمية الاقتصادية الإقليمية، وهي واحدة من أشد التحديات التي تواجه اليابان في ظل الانحدار الديموغرافي المتزايد، كما ينظر إلى إيشيبا باعتباره سياسيا نظيفا، ولم تلطخه الفضائح المالية التي قوضت الدعم لإدارة رئيس الوزراء المنتهية ولايته فوميو كيشيدا.
ومع ترجيحات بأن تظل الانقسامات عميقة داخل الحزب الحاكم خلال الفترة المقبلة، يرى مراقبون في طوكيو أن طول عمر الحكومة اليابانية الجديدة يتوقف على مدى جذرية الإصلاحات التي سينفذها إيشيبا، إلى جانب قدرته على انعاش الاقتصاد المتعثر.